أنا من هواة مراقبة الحيوانات.
كنت في نعومة أظافري أهوى برنامج “عالم الحيوان” وأنتظره وأتلهف إليه.
وبعد أن دخلنا في عالم الدش واليو تيوب، صارت الموارد المتاحة لإشباع فضولي أوفر، وصار بإمكاني مشاهدة Animal Planet أو National Geographic أو غيرها من القنوات العلمية الرائعة متى أحببت. وإذا كنت أبحث عن شيء معين، ففي الغالب سأجد ما يشفي غليلي على يوتيوب أو على جوجل.
ولي قائمة من الحيوانات المفضلة التي أعشقها، ولا أمل مشاهدتها والتعرف على عاداتها.
وما أشاهده أختزنه لحين الحاجة إليه. وعندما يمر موقف خاص بي، أجد مشهداً معيناً من عالم الحيوان يقفز إلى خاطري. وأحياناً كثيراً، أجد في سلوك الحيوان ما يفسر الموقف، أو يبرر دوافع المشتركين فيه.
ومن بين المشاهد التي رأيتها وأنا في ريعان شبابي، وألهمتني الكثير من الحكمة (أو هكذا أظن).. مشهد للحمير الوحشية (الحمار المخطط zebra) وهي تتقاتل فيما بينها. كانت ذكور الحمير الوحشية تتدافع بعنفوان لا تُحسد عليه، وتتقاتل من أجل فرض سيطرتها على الساحة، ولا تفكر سوى في أمرين: الطعام، والجنس.
هذا سلوك طبيعي.. ربما تقول في نفسك ذلك.. وهو كذلك بالفعل.
أتدري ما المشكلة؟ أن الذكور القوية كانت هي الأكثر اقتتالاً، وفي الغالب ينتهي السجال بأن يموت أحد المقتتلين، ويبقى الآخر واهناً لا يقوى على شيء.
أتدري ما المشكلة الأكبر؟ كانت الأسود تتربص بهذا الجمع قاصر النظر من الحمير الوحشية.
كانوا في انتظار انفضاض القتال لكي يبدءوا جولتهم في حصد الضحايا.
هل يذكرك هذا بشيء؟
أأعطيك تلميحاً؟
“سايكس بيكو“..
أتريد بعض الأمثلة؟
لا تجهد نفسك كثيراً.. أحضر خريطة لعالمنا المنكوب وضع إصبعك على أي مكان فيها..
أتدري ما يصيب بالحزن؟
أن هذا المشهد تكرر كثيراً كثيراً.. ومعظم الحمير لا تمتلك من الوعي ما يكفي لحثها على توحيد جهودها والوقوف أمام عدوها الحقيقي..
أتدري الآن ماذا يصيب بالاكتئاب؟
حتى لو توفر لبعض هذه الحمير من الوعي ما يسمح له بفهم اللعبة التي تدور حوله فإن قلة الحيلة ستفطر قلبه، وضجيج الغوغائية من حوله سيصم آذان الناس عنه.
لقد تطورت اللعبة كثيراً الآن.. ونجح الأسود في وضع بذور متأصلة للفرقة والضغينة بين الحمير الوحشية.. لدرجة أنه صار بإمكانهم إثارة الحمير الوحشية ودفعها للاقتتال على أتفه الأسباب.. حتى لو كانت مباراة كرة قدم.
وبعد أن يهدأ الاقتتال بين الحمير.. دائماً ما تبدأ الأسود في حصد الضحايا.
يا قوم..
“أليس منكم رجل رشيد”..
..
سيدى الفاضل
وماذا الان ونحن عام 2011
فقد فهمت الحمير الوحشية اصول اللعبة ونوايا الاسود ولكن ما زالت اللعبة مستمرة تحت فهم الحمير ومازالت النوايا معلنة من الاسود
والله الحال ما تغير كثيرا سوى ان النوايا اصبحت معلنة والحمير اصبحت اكثر فهما
ولكن اللعبة مازالت مستمرة
مريم
لكن ما الذي يجعل الحمر الوحشية حمراً وحشية، والأسود أسوداً؟
ولماذا لبسنا جلد الحمر الوحشية بعد أن كنا نحن الأسود؟
وهل تفرقنا لأننا أصبحنا حمر وحشية، أم أصبحنا حمر وحشية لأننا تفرقنا؟
الموضوع رائع جداً، ويمس الواقع برهافة، ولكن بعمق شديد…. حقاً أسلوب مبتكر ومؤثر للتعبير عن معنى تدلت الألسنة في التأكيد عليه. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كان أول المحذرين في الحديث الذي أوله: توشك الأمم أن تتداعى عليكم تداعي الأكلة إلى قصعتها…”.
دليل جديد على أنك أديب ضل طريقه إلى الترجمة. ما هذا الاختيار الرائع للكلمات والسلاسة في الأسلوب والروعة في التعبير؟
بابى ازيك وحشتنى اوى فى عالم المدونات انا من هواه الحيوانات فى المشاهد الافتراسيه العنيفه بس انا بتفرج على ناشونل جيوجرافيك ابو ضبى بابا انا عنوان مدونتى هو …هو…..هو طبعا تلاقيك بتقولى خلصى بس متقلقش انا قربت اخلص
هو…..هو……
mahagamalemara.blogspot.com
انــــــــــــشـــــــرهـــــــــا من اجل العالم العربى السوفيتى الاسلامى الافريقى والاوربى
🙂
🙂
السلام عليكم أستاذ جمال
طريقة مس الموضوع في منتهى الرشاقة والذكاء… تحياتي…
لكن ألا ترى أن في التشبيه ظلم للحمير المسكينة التي لم تخلق إلا لاتباع غرائزها فحسب؟
أتدري ما يصيب بالحزن؟
أن هذا المشهد تكرر كثيراً كثيراً.. ومعظم الحمير لا تمتلك من الوعي ما يكفي لحثها على توحيد جهودها والوقوف أمام عدوها الحقيقي..
أتدري الآن ماذا يصيب بالاكتئاب؟
حتى لو توفر لبعض هذه الحمير من الوعي ما يسمح له بفهم اللعبة التي تدور حوله فإن قلة الحيلة ستفطر قلبه، وضجيج الغوغائية من حوله سيصم آذان الناس عنه.
لقد تطورت اللعبة كثيراً الآن.. ونجح الأسود في وضع بذور متأصلة للفرقة والضغينة بين الحمير الوحشية.. لدرجة أنه صار بإمكانهم إثارة الحمير الوحشية ودفعها للاقتتال على أتفه الأسباب.. حتى لو كانت مباراة كرة قدم.
يا قوم..
“أليس منكم رجل رشيد”..
الله
الله
الله عليك بجد
رائعه مقالتك ورائعه تعبيراتك
حقيقى انا مبسوطة جدا جدا بقراءه هذا البوست،تشبيهات خطيرةوتسلسل جميل للاحداث
والجمل السابق ذكرها بالأعلى هى من اشد الجمل التى أثرت فى تأثيرا كبيرا
وفقت ،، وتقبل مرورى واحترامى ،،،،
بوست جميل
وفى انتظار المزيد …….
الاستفاده من قتال الحيوانات مهم جدا وخبره تستحق النشر لجعل الاخرين يتعلمون كيف يمكن الاستفاده من هذه القتالات والشراسات والقاءها علي الواقع التي ستشارك بدورها في تطوير الامه
موضوع جميل جدا
سيدي الفاضل..
حضرتك تفضلت ونقلت الموضوع بصورة رائعة وبليغة وفي كلمات قليلة..
في الحقيقة الموضوع مطروح بذكاء شديد.. الصورة مركزة على سلوك الحيوانات ولكن في الواقع المقصود بها هو السلوك البشري والذي يتم التنويه عنه بإشارة ذكية إلى “مباراة كرة القدم”.. بالإضافة إلى أن جملة النهاية رائعة حقاً..
واأسفاه!!
هل تسوء الأمور لدرجة أن تصبح المقارنة بين سلوك الحمُر الوحشية وسلوك البشر هي أفضل صورة للتعبير عن سلوك البشر؟!
للأسف، لقد فاقت الأمور ذلك بكثير.. وهذا هو أبسط تصوير للموقف..
أن يصل الأمر إلى السب العلني في وسائل الإعلام لكلا البلدين المتصارعتين على مباراة كرة القدم لبعضهما البعض ويرى ذلك قطيع الأسود – أو العالم- بأسره.. فعلى الدنيا السلام!!
لكن نقول ايه.. شوية.. حمُر وحشية!! 🙂