متعة القراءة المفقودة

انقضى ذلك الزمن الجميل الذي كنت أذوب فيه بكامل كياني في ما أقرؤه.

كنت أقرأ لأخرج من هذا العالم إلى عوالم موازية: قديمة تاريخية أحيانًا، أو حديثة مستقبلية أحيانًا أخرى.

أتماهى في القراءة مع بطل الرواية، وأتقمص حركاته وردود أفعاله. أتكلم مثله، وأشعر بإحساسه، وأتسامر بضحكاته، وأغتم بحيرته.. بل وأحيانًا أتحرك بجسدي مثلما يتحرك. أتخيل نفسي قصيرًا مثلما هو قصير، أو سريعًا نشيط الحركة مثلما هو رشيق، وأقف معه أمام حبيبته، فأحرّك شفاهي بما يقول، وأشعر بقلبي يخفق مع خفقان قلبه.

حتى ينقضي العمل.. فأبقى فترة متأجج المشاعر، ثم أدخل في مرحلة تعافٍ قصيرة، ثم أنتقل إلى عمل جديد.

انقضى ذلك الزمن الجميل، وصار عقلي التحليلي الانتقادي الآن يفسد عليّ المتعة، ويتدخل في سفور في سرد المؤلف وسير الرواية وحبكتها وتطور شخصياتها.

“لا يمكن لأسعد أن يقول هذا.. كبرياؤه ستمنعه..”

“كيف قفزت ليلى هكذا من تحفظٍ شديد إلى انفتاح فالت دون صراع داخلي وتمهيد طويل؟”.

حتى يحدث انفكاك حتمي بيني وبين الشخصية، ويتوقف استمتاعي بالعمل، فأهجره، وأتحسر على زمن فات كنت أستمتع فيه بما أقرؤه.

1 أفكار بشأن “متعة القراءة المفقودة”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *