تعد قصة سيلفستر ستالون من أفضل الأمثلة على قوة الالتزام وكيف أن “قيامك بأي شيء يتطلبه الأمر سيمكّنك مما تريد”.
في ذروته، كان ستالون أحد النجوم الأكثر شعبية في هوليوود وأعلاهم أجرًا، حيث يطلب مبلغ 20 مليون دولار أمريكي للفيلم. هل ولد نجمًا محظوظًا فقط؟ هل كان ممثلًا موهوبًا بالفطرة؟ هل كان في المكان والوقت الصحيحين؟ بالكاد. فقد كان شخصًا تتكدس أمامه جميع المصاعب.
كانت أسرته فقيرة جدًا لدرجة أن والدته اضطرت إلى ولادته على سلالم إحدى المدارس. وبسبب ظروف ولادته التي تولاها طلاب المدرسة، حدث قطع في أحد أعصاب وجهه، مما أصابه بشلل في الجانب الأيمن من وجهه. ونتيجة لذلك، كان على ستالون أن يقضي بقية حياته بثقل في اللسان. بل كان عليه حتى أن يعيش بشفة سفلى متدلية ويتحمل سخرية الآخرين منه بسبب اسمه “سيلفستر” (الشبيه باسم قطة Looney Tunes). وعلى الرغم من جميع هذه القيود، راود ستالون الصغير حلمًا بأن يصبح ممثلًا وأن يلهم الملايين من الناس من خلال أفلامه.
كما تعلمون أن العديد من الشباب يمرون بمرحلة الرغبة في أن يصبحوا ممثلين، نجومًا… كان الفارق بين ستالون وباقي الحالمين الشباب أن حلمه لم يكن مجرد أمنية. بل بالنسبة لستالون، كان الأمر ضرورة حتمية. لقد كان ملتزمًا حقًا بفعل أي شيء تطلبه الأمر لتحقيق حلمه.
أولًا، التحق بمدرسة تمثيل ثم بدأ يذهب لإجراء اختبارات أداء. وعلى نحو متوقع، بسبب تمثيله السيئ، ومظهره الثمل، ولسانه الثقيل، تم رفض ستالون في كل دور تقدم إليه. إلا أنه لم يستسلم أبدًا. لقد داوم بإصرار على تغيير استراتيجيته واتخاذ خطوات.
تعتبر الطريقة التي تعامل بها مع دوره الأول مثالًا جيدًا على مدى استعداده لفعل أي شيء يتطلبه الأمر. عندما تم رفضه بعد اختبار أداء آخر، سحب كرسي أمام مكتب المدير وجلس، رافضًا المغادرة إلا إذا أعطوه فرصة. وبعد الجلوس هناك لساعات، تأثروا بمدى رغبته في الحصول على فرصة لدرجة أنهم رضخوا له وأعطوه دورًا. وعلى الرغم من أنه ظهر لدقيقتين فقط (في دور ثانوي)، إلا أن ذلك أعطاه الانطلاقة الأولى التي كان يسعى إليها.
ولسوء الحظ، تلت هذه التجربة سلسلة من المحاولات غير الناجحة للحصول على وظيفة تمثيل أخرى. وعند هذه المرحلة، طلبت منه زوجته أن يتخلى عن “حلمه الغبي” ويحصل على وظيفة حقيقية. كانت إجابته هي: “إذا حصلت على وظيفة أخرى، فسوف أفقد الشيء الوحيد الذي يعمل لصالحي… شغفي. فإذا تخليت عن (سعيي) وحصلت على وظيفة عادية، سأكون قد تخليت عن أحلامي”.
دخل ستالون في النهاية في حالة من الإفلاس واليأس لدرجة أنه اضطر إلى بيع كلبه مقابل 50 دولارًا لكي يبقى على قيد الحياة. كانت هذه هي اللحظة الأكثر حزنًا في حياته؛ لأن كلبه كان هو الصديق الوحيد الذي تبقى له.
عند أدنى مرحلة وصل إليها في حياته، شاهد مباراة ملاكمة بين بطل العالم للوزن الثقيل محمد علي وتشاك ويبنر، الضعيف الذي اعتقد الجميع أنه سينهزم خلال ثلاث جولات. وكان الشيء الذي لم يتوقعه أحد هو تصميم ويبنر ومثابرته. لقد خاض الخمس عشرة جولة مع علي، رافضًا الاستسلام.
شعر ستالون بإلهام شديد جدًا مما رآه حيث تراءت له رؤى في ذهنه حول فيلم كان يخطط لكتابته. بدأ في الكتابة بإفراط لمدة 84 ساعة دون توقف حتى انتهى من كتابة سيناريو فيلم Rocky. كان متحمسًا للغاية للسيناريو لأنه من وجهة نظره كان يعلم أن ذلك الفيلم سيغير حياته وحظه.
ولكن عندما ذهب لمحاولة بيع السيناريو، شعر الجميع أنه كان متوقعًا جدًا وأنه لن يهتم أحد بمشاهدة فيلم عن الملاكمة. إلا أنه لم يستسلم. ظل يتابع ويتابع حتى عرضت عليه شركة عرضًا بـ 75 ألف دولار أمريكي مقابل السيناريو والحقوق اللازمة لإنتاج الفيلم. كان من شأن هذا الأمر أن يغمر ستالون بفرحة عارمة، إلا أن حلمه كان أن يصبح ممثلًا وليس كاتبًا.
لذلك، أخبرهم أن شرط البيع هو أن يتم تقديمه على أنه البطل. اعترضوا، قائلين: “أنت كاتب! أنت لست ممثلًا!”. “من المستحيل أن ندعك تمثل!”، ولكن ستالون تمسك بموقفه ورفض بيع السيناريو إذا لم يصبح البطل. ثم زادوا بعد ذلك قيمة عرضهم إلى 225 ألف دولار أمريكي حتى وصل إلى مليون دولار أمريكي، إلا أن ستالون ظل مصرًا على أن الدور في فيلم Rocky يناسبه، ولا يناسب أحدًا غيره. وعلى الرغم من أنه كان مفلسًا وجائعًا، إلا أنه رفض التخلي عن أحلامه مقابل شيك بمليون دولار. كان هذا هو مستوى التزامه!
في النهاية، وافقوا على مضض، بشرط أن يتم إنتاج الفيلم بميزانية تقشفية تقل عن مليون دولار وأن يحصل ستالون على مبلغ 35 ألف دولار أمريكي فقط مقابل الكتابة والتمثيل. ومع ذلك كان من المقرر أن يحصل ستالون على نسبة من الأرباح، إذا حقق الفيلم ربحًا. وافق على الفور.
كان أول شيء فعله ستالون عندما حصل على المال هو البحث عن الرجل الذي اشترى كلبه لكي يشتريه من جديد. وعندما توصل إلى الرجل، عرض عليه شراء الكلب من جديد مقابل 100 دولار أمريكي. رفض الرجل عرضه قائلًا إنه ليس مهتمًا. زاد ستالون من قيمة عرضه إلى 500 دولار أمريكي. وما زال الرجل رافضًا. زاد ستالون مرة أخرى من قيمة عرضه، إلى 1000 دولار أمريكي هذه المرة. وما زال الرجل لا يتزحزح عن موقفه، قائلًا: “لن يقنعني أي مبلغ من المال أبدًا ببيع هذا الكلب”.
بينما يستسلم معظمنا عند هذه المرحلة، كان ستالون يعلم أنه إذا كان ملتزمًا بفعل أي شيء يتطلبه الأمر، فإنه سوف يجد مخرجًا. وفي النهاية، استعاد كلبه. لقد دفع للرجل مبلغًا هائلًا قدره 15 ألف دولار أمريكي وأعطاه أيضًا دورًا في الفيلم كجزء من الصفقة.
عندما تم إطلاق فيلم Rocky في دور السينما، حقق أكثر من 171 مليون دولار أمريكي وتم ترشيحه لعشر جوائز أوسكار (بما فيها جائزة أفضل ممثل)، وفاز في النهاية بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وأفضل مخرج. وصل سيلفستر على الفور إلى الشهرة كنجم حركة وإثارة، وتوالت عروض مربحة لأفلام رائجة مثل فيلم First Blood وRambo وتتمة فيلم Rocky. لقد نبع نجاحه النهائي من حقيقة أنه بالنسبة له كان حلمه بأن يصبح ممثلًا أمرًا ضروريًا حقًا. لقد كان يؤمن أنه عندما تكون ملتزمًا بما فيه الكفاية، ستجد دائمًا وسيلة!
من كتاب “سيطر على عقلك، صمم مصيرك”
تأليف: آدم كو
ترجمة: عبد الله حمزة
قصة أكثر من رائعة
اشكرك على النقل
very inspiring story