معتقداتنا لها تأثير هائل على تصوراتنا وقراراتنا وبالتالي على أفعالنا. وفي الواقع، معتقداتنا قوية جدًا لدرجة أنها تستطيع حرفيًا أن تؤثر على الكيمياء الحيوية في أجسادنا.
نعم، تستطيع معتقداتك أن تؤثر على مستويات طاقتك وسلامتك البدنية. هل سمعت عن تأثير العلاج الوهمي؟
في الخمسينيات من القرن العشرين، أراد الأطباء أن يتحققوا إذا كان اعتقاد المريض بشأن عقار ما يحدث اختلافًا بالفعل في كون العقار له تأثير في العلاج أم لا.
في إحدى التجارب، أعطوا المرضى أقراصًا لم تكن إلا سكرًا في كبسولات. ثم أخبروا المرضى أن الدواء له تأثير في علاج حالات البرد والصداع التي أصابتهم. ولدهشتهم، أدت أقراص السكر إلى مستوى الشفاء ذاته تقريبًا مقارنة بالعقاقير الحقيقية! أظهرت دراسات العلاج الوهمي أن معتقداتنا تستطيع حرفيًا أن تنشط المواد الكيميائية في أجسادنا للوصول إلى الشفاء.
أظهرت دراسة لاحقة أن المعتقدات تستطيع حتى أن تبطل تأثيرات المواد الكيميائية في أجسادنا. في هذه التجربة، تم تقسيم 100 من طلاب الطب إلى مجموعتين. تم إعطاء قرص أحمر للمجموعة الأولى وإخبارهم أنه قرص منبه. والحقيقة، كان القرص يحتوي على الباربيتوريك (مهدئ).
وتم إعطاء المجموعة الثانية قرصًا أزرق وإخبارهم أنه قرص مهدئ. وكان يحتوي في الحقيقة على منبه قوي. كانت النتائج مذهلة.
50% من الطلاب الذين تناولوا الأقراص، استجابت أجسادهم وفقًا لاعتقادهم عما يفترض أن يفعله العقار. ذكر الطلاب الذين تناولوا القرص الأحمر أنهم شعروا بتيقظ وحيوية بدرجة كبيرة جدًا، رغم وجود عقاقير مهدئة في أجسادهم. وذكر الطلاب الذين تناولوا القرص الأزرق أنهم شعروا بالنعاس رغم أنهم في الحقيقة تناولوا منبهًا.
كيف كان ذلك ممكنًا؟ وجد فرع جديد من علم النفس العصبي المعرفي، ويسمى نظرية التوقع، أن كل فكرة واعتقاد ورغبة يمكن أن تعمل كأحد عوامل التغيير في خلايانا وأنسجتنا وأعضائنا.
في الحقيقة، هل تعلم أن كل عقار تم وضعه اليوم قد مر باختبار علاج وهمي مزدوج التعمية قبل المصادقة عليه من قِبَل وكالة الأغذية والأدوية الأمريكية (FDA)، وسبب ذلك أنه حتى لو كانت العقاقير الوهمية تستطيع أن تؤدي للشفاء (اعتمادًا على اعتقاد المريض)، فالطريقة الوحيدة للتأكد من أن عقارًا ما مؤثر طبيًا هو أنه يستطيع أن يصل إلى معدل شفاء أعلى من العلاج الوهمي.
والمدهش أنه حتى تتم المصادقة على أن عقارًا ما له تأثير طبي، يجب أن يتخطى العلاج الوهمي بعدة نقاط مئوية فقط.
من كتاب: سيطر على عقلك، صمم مصيرك
تأليف: آدم كو
ترجمة: مادونا أيمن