لازلت أذكر الكثير من أحلام صباي.
ليست الأحلام التي تراود الناس عما يطمحون إلى تحقيقه، وإنما الأحلام الفعلية التي خطرت لي في نومي.
وذات ليلة، كنت ممسكًا بكتاب “أقرب الجيران إلى الأرض”. كتاب عن القمر استعرته من مكتبة المدرسة الإعدادية.
الكتاب يتحدث عن القمر، وأنا أبرّق عيني فيه تحت ضوء خافت ولا أرمش خوفًا أن تفوتني معلومة منه. أسرح مع ما يذكره الكتاب، عبر الغلاف الأرضي إلى بدايات الفضاء، منطلقًا بصاروخ الدفع النفاث الوحيد الذي كان متاحًا لي: خيالي الجامح.
ثم نمت.
ثم حدث ما كان يحدث لي دومًا.
أكملت يقظتي في منامي.
وفي منامي، كان القمر أكبر وأجمل.
كان بدرًا مكتملًا شديد الإضاءة.
وكنت أتحرك نحوه مشدودًا بنوره وبتلك التجويفات الداكنة على سطحه.
ثم..
سمعت أغنية عبد الوهاب “قلبي بيقولي كلام والناس بيقولوا كلام”.
رحّب عقلي بالأغنية فأدخلها في منامي.
فصرت أطير فاتحًا ذراعي نحو القمر على موسيقاها وصوت عبد الوهاب.
ثم أدركت الشجن في الأغنية.
“احترت أنا بين قلبي وبينك، والحيرة عذاب”.
فتى الإعدادية يطير بجسده في منامه ليقف أمام قمر ضخم منير
وعقله يحاول أن يستوعب حيرة عاشق يتألم.
وحدث ارتباط شرطي لا أظنه ينفك..
فلازلت حتى اليوم، كلما سمعت الأغنية أتذكر صعودي إلى القمر..