مشهد 1
في بلاد “الكفار”
المخلدون في النار أبدًا
الذين حبطت أعمالهم في الدنيا
كنت أقف على محطة الأتوبيس.
أخرجت ورقة نقدية كبيرة استعدادًا لدفع التذكرة فنبهتني إحدى السيدات إلى أنني يجب أن أقدم “الفكة” للسائق لأنه لن يعيد لي الباقي.
ليس لأنه لا يرغب في ذلك، ولكن لأنه يضع ثمن التذكرة في صندوق زجاجي كبير لا يسمح له باسترجاع النقود منه.
لم يكن لدي فكة تكفي لثمن التذكرة، فوقفت مترددًا حائرًا ماذا أفعل.
وحين أتى الأتوبيس، نظرت للسائق الأنيق باستعطاف: “هل صحيح أنني يجب أن يكون لدي فكة بقيمة التذكرة بالضبط؟”
نظر إلي بحزم: “هذا يرجع إليك، فأنا لا أعطي باقيًا”.
رجعت خطوة إلى الوراء وشكرته، وعلامات اليأس قد تسربت إلى ملامحي.
فأنا لست مستعدًا لأعطيه الورقة النقدية الكبيرة مستغنيًا عن بقيتها.
وقبل أن أفكر في البدائل، أو في كيفية فك الورقة النقدية، إذا بالسائق يسألني: “أين تريد أن تذهب؟”.
أنا: “إلى ملتقى النهر والبحر”.
هو: “خذ هذه واركب”.
وطبع لي تذكرة سيدفع هو ثمنها من جيبه.
وبينما أصعد سلالم الأتوبيس فاغرًا فاهي وأنا أنظر في تعجب إليه، إذا به يقول: “فلتحظ بيوم جيد”!
سائحٌ أنا أتنزه وأجوب العالم، ليس بي فاقة، وفي يدي ورقة نقدية كبيرة، ولا يبدو على ملامحي أو ملابسي عوزٌ ولا ضيق حاجة.
هو فقط أشفق عليّ من عناء البحث عن الفكة، فدفع لي التذكرة من جيبه.
****
مشهد 2
في بلاد المسلمين
المأمورون بالتكافل والتضافر
القائل نبيهم إنه لا إيمان لمن بات منهم شبعان وجاره جائع.
يدخل الكمساري إلى عربة الشخصيات المهمة، فيجد فيها بائعين جائلين تجرأا وركبا دون تذكرة أو نقود.
ولما تأكد من أنهما لا يملكان مالًا لدفع ثمن التذكرة “والغرامة”، إذا به يأمر بفتح باب القطار ويجبرهما على القفز منه وهو يسير.
شاب يُقتل، والآخر يُقطع طرفه.
كل من في العربة يشاهد ولا يتحرك له ساكن.
لم يتبرع أي منهم –وهم من الشخصيات المهمة- أن يدفع للشابين، أو يدفع عنهما أذى المحصل.
فقط عندما أدركوا أن الشابين دُهسا تحت عجلات القطار تحركت ضمائرهم وشهدوا بما رأوا.
بئس القوم الظالمين.