جلستُ فوق التلة الشاهقة أستمع إليها. تحكي بمرارة شديدة ما فعله أبوها معها ومع أمها.
حديثها مملوء بالمرارة.
مرارةٌ طردت من حياتها كل إحساس إيجابي، وكل احتمال للصفح أو الغفران، وبالتأكيد كل احتمال للسعادة.
“الأب يجب أن يكون سندًا لابنته، لا خيبة أمل لها”.
الفتاة تخلط بعنف بالغ بين قصة الأب مع أمها، وبين قصته معها. دمجت الفتاة موقفها في موقف أمها، حتى أجبرتا الأب في النهاية على الرحيل. فأكّد رحيله رأيهما فيه.
“النبوءة التي تحقق ذاتها. أن تتوقع أن يأتي إنسان بتصرف ما، فتظل تضغط عليه حتى يأتي به في نهاية المطاف”
تحكي الفتاة بعنف لا يسمح للمنصت بتبني وجهة نظر مختلفة، ثم تختم حديثها بعبارة شديدة الوطأة:
“ليته مات.. لكان أفضل”.
الفتاة لم تهتم برأيي، وربما برأي أي شخص آخر يخالفها. وفي اللحظات القليلة التي كانت حدة حديثها تخف وتصمت تشجيعًا لي لأقول رأيي، كنت أصمت أنا الآخر، فاعتبرت صمتي موافقة.
هي تريد التنفيس، فتركتها تنفس، وغادرتها وأنا حائر:
“أخيبة الأمل فيمن نحب أشد حقًا من موته؟”.