وجبة صينية مميزة

2016-10-18-19h16m44

جميلة الجميلات.. هذا هو الاسم الذي أطلقته على مدينة شنجهاي الساحرة. ومنطقة “ذا بند” The Bund على ضفاف نهر “هوانج بو” من أجمل المناطق في شنجهاي، بل ربما من أجمل المناطق في الصين كلها..

بعد انتهاء الجولة النهرية الرائعة في القارب الضخم، كان الجوع قد بلغ بي مبلغه. تجولت في المنطقة بحثًا عن شيء يُؤكل، فوجدت مطعمًا صغيرًا هابطًا عن مستوى الأرض وعليه اللافتة الخضراء المميزة “طعام المسلمين”.

بدون أدنى تردد دخلت المطعم، وحاولت التواصل مع الندلاء ولكن دون جدوى. رأيت صورة في قائمة الطعام بها شرائح متراصة من اللحم فأشرت له عليها.

حاول النادل أن يسألني عن مواصفات الوجبة، ولكن التواصل فشل تمامًا. أشرت له بما معناه: “ادخل المطبخ وهات أي حاجة آكلها بدل ما آكل وشك” 🙂

دقائق قليلة، ووجدته يضع طبق اللحم النيئ التالي أمامي:

2016-10-18-22h40m05

“نعم؟؟”

تعجبت من وضع اللحم أمامي نيئًا هكذا. تذكرت مدى معاناتي مع الطعام الصيني ورغبتي العارمة في تناول وجبة محترمة، فنظرت إليه وحالتي تصعب على من يراني: “هاتأكّلوني لحمة نيّة، هي دي آخرتها” 🙂

وقبل أن يزداد فضولي، وجدته يضع إناءً عجيب الشكل به ماء مغلي في تجويف مخصص على الطاولة..

2016-10-18-22h44m36

شغرت فاهًا ولم أدر ما أفعله.. الماء يغلي واللحم نيئ، والنادل يشير لي بيديه أن ضع اللحم النيئ في الماء..

“مش محتاجة فكاكة يعني.. إنتو عايزين الزباين هم اللي يسووا اللحمة بنفسهم” 🙂

أمسكت بعض شرائح اللحم ووضعتها في الماء المغلي، ووضعت بعدها بعض الخضراوات، وقلّبتها لبضع دقائق حتى استوت.

أخرجت شريحة لحم وتذوقتها فلم أجد لها أي طعم؟!

أشار لي النادل أنني يجب أن أضعها في شريحة خبز ثم أضع فوقها الصوص المخصص.

ورغم أنني لا أتناول الخبز، فإن الرغيف الذي وضعه أمامي (والذي يُشبه خبز التميس اليمني) كان طازجًا ورائحته رائعة.

أمسكت قطعة الخبز، ووضعت فوقها شريحة اللحم، وبعض الصوص وبعض الطحينة ثم لففتها بمهارة وقضمت منها قضمة.

دقائق قليلة وصرت طاهيًا ماهرًا، أضع الشرائح بمنتهى الحرفية في جوانب الإناء، ثم أصطادها بالعصي الصينية وأصنع منها اللفائف كما لو أنني مولود في شنجهاي.

قبل أن أنتهي من وجبتي، دخل رجل غربي متوسط العمر عرفت لاحقًا أنه من أسبانيا وطلب نفس الطبق.

تذكرت محمد هنيدي وهو يقول لزميله “افتكر إني قلت لك بلاش” 🙂

الأسباني فشل في التواصل مع النادل هو الآخر وقبل أن ينتهي به الحال إلى تناول اللحم نيئًا من الجوع، تطوعت أنا وشرحت له كيف يتعامل مع الطبق العجيب.

سألني الأسباني: “ولماذا كل هذه اللفة العجيبة؟”.

“الله وحده يعلم يا صديقي.. فلكل شعب عجائبه”  🙂

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *