إذا كان حولك شخص (زميل في العمل، أو صديق، أو حتى ابن، أو أخ، أو –طبعاً- زوج أو زوجة) له طبع أو أسلوب “منكد” عليك عيشتك،
هل تستطيع أن تغير هذا الأسلوب؟
إذا كانت إجابتك هي: نعم، فأنت غلطان.
وإذا كانت إجابتك هي: ربما، فأنت أيضاً غلطان.
وحتى إذا كانت إجابتك هي: لا، فأنت أيضاً أيضاً غلطان.
لأن الإجابة الصحيحة هي: “بالتأكيد، لا” 🙂
من الأخطاء الفادحة التي يقع فيها معظم الناس أنهم يتصورون أن بإمكانهم تغيير من يتعاملون معهم.
هذا خطأ فادح.
أنت لا تستطيع تغيير أي إنسان..
أنت بالكاد –وبقدر هائل من العزيمة والاستماتة- تستطيع تغيير بعض خصالك أنت.
إحنا ها نضحك على بعض؟ ما أنت عارف 🙂 شوف إنت بقالك كام سنة عمال كل يوم تحلف بكل الأيمان إنك ها تبطل تعمل كذا.. وكذا ده في الغالب بيكون أول حاجة تعملها، ويمكن تعمله عدة مرات على مدار اليوم الواحد.
أنت لا تستطيع أن تغير شخصاً آخر. ربما تستطيع أن توفر له “باقة حوافز” (على رأي فلاسفة الإدارة الأمريكية) لتغيير نفسه. ولكن قرار التغيير ينبع من داخله هو، وليس من داخلك أنت.
وخلينا نواجه المسألة بوضوح، هو لو حاسس إن الشيء اللي عايز تغيره ده غلط، مش كان غيره من زمان من قبل ما يعرفك؟
بعض الناس علاقتك بهم أبدية ولا يمكن فصمها.. وحتى لو فيه حاجة مش عاجباك ها تقبلها غصب عنك ومش ها تقدر تعمل فيها حاجة.. مثلاً.. ابنك اللي كبر وبقى في منتهى الرخامة ومصمم يلبس قمصانك وشراباتك، لا والأدهى إنه بيسلفهم لأصحابه 🙂 أو والدتك التي ترى أنك رغم بلوغك أشدك لازلت طفلاً بحاجة إلى إشراف مباشر في كل صغيرة وكبيرة (وخصوصاً فيما يخص زوجتك الغلبانة).. مثل هؤلاء الناس لا تستطيع قطع علاقتك بهم، ولكن أحسن إليهم واعتبرهم “رزقاً” أرسله الله إليك لكي يدخلك به الجنة. لا تسمح لهم بالتأثير في طبيعتك، ولا تسمح لهم بسلب طاقتك الإيجابية وتذكر دائماً “وصاحبهما في الدنيا معروفاً”..
أما الناس الآخرين، فعلاقتك بهم ليست أبدية. فإذا كانوا من “مصاصي الدماء” الذين يسعون لاستنزاف طاقاتك ويستمتعون بالغلاسة والسخافة، فلماذا تتحملهم؟ سيبهم ودور على غيرهم.. الدنيا مليانة ناس..
يعني لو رئيسك في العمل منكد عليك عيشتك، شوف شغل تاني. وحتى لو كان الشغل فيه بعض مميزات مغرية، أكيد إنت تستاهل هذه المميزات، وأكيد ها تلاقيها في مكان تاني (إذا كنت لا تستاهل هذه المميزات، فممكن أسألك سؤال؟ بتشتكي ليه أصلاً؟ 🙂 )..
وإذا كنت على وشك الدخول في علاقة طويلة الأمد، ووجدت أن الشخص الذي تنوي التعامل معه له طبع مزعج، فلا تتصور تلقائياً أنك ستتمكن من تغييره بسهولة. تذكر أن الطباع سميت طباعاً لأنه “مطبوعة” في نسيج الإنسان والتخلص منها من أصعب ما يكون. الإنسان يتغير تبعاً لدوافع خاصة به وليس بناءً على طلب منك أو مني. قد يتصادف أن يوفر له وجودك دافعاً للتغيير، ولكنك لا يمكن أن تعوّل على حدوث أو ديمومة هذا التغيير.
لذلك، عندما تصادف شخصاً وتجد في نفسك اهتماماً به، إما أن تقبله كما هو، وإما أن تتركه يرحل.
يعني لو إنتي حاسة إن خطيبك ممتاز بس فيه عيب صغير، وهو إن ريحته مش حلوة، وبعد ما وسّطي خالتك وجوز عمته في المسألة (على أساس إن هما اللي أقنعوه يتقدم لك) عرفتي إن البيه مالوش تُقل على الحموم لأنه كان ها يغرق في البانيو وهو صغير.. 🙂
هنا لا بد من التوقف لوهلة.. لا تتصوري إنك ستقنعيه بالحموم more often، لأنه لو كان حاسس إن الريحة فيها مشكلة كان استحمى لوحده.. يمكن تحت تأثير الافتتان المبدئي لفترة الخطوبة يقرر يغامر ويروح التوحيد والنور يشتري طقمين “قطونيل” ويتجرأ على الدش، ولكن ثقي تماماً أنه سيعود إلى حالته الأولى بعد الزواج.. لأن دافع الافتتان سيختفي قبل أن يصبح الحموم عادة متأصلة فيه، وسيعود خوفه الأول من البانيو إلى الظهور ويجعله لا يفكر في دخول الحمام سوى لقضاء حاجته.. 🙂
مثال آخر: دعنا نفترض إنك شاب وجيه ولكنك تركت دماغك لشخص يلعب لك فيها وأقنعك إنك تتجوز. دعنا أيضاً نفترض أنك وجدت أن خطيبتك فتاة ممتازة وتقترب كثيراً من الصفات التي تبحث عنها، ولكن بها عيب بسيط جداً إنها “عصبية”. طبعاً ماحدش قالك على موضوع العصبية ده، إنت عرفته لوحدك لأنها أول ما اتنرفزت “طرقعت” لك وبهدلتك 🙂
إذا رجعت إلى ابن الحلال اللي لعب في دماغك وأقنعك بالجواز وحكيت له اللي حصل، فإنه قد يحاول إقناعك إنها ستتغير بعد الجواز وها تبطل عصبية وإنها لو خلفت ها “تتهد”.. ولكن هذا لن يحدث.
وإذا أردت رأيي، في أول مرة تتعصب عليك –وطبعاً ها تكون في وسط أهلها ومش ها تقدر ترد عليها- قوم بأسرع ما يمكنك وافتح باب الشقة واجري. وإذا كان أهلها من النوع اللي بيخافوا على السجاد وبيجبروا الزوار على خلع الأحذية على الباب، اسمع نصيحتي وما تفكرش حتى تلبس الجزمة أحسن أبوها يلحقك ويقعد يتحايل عليك.. اجري بسرعة حافي على السلم وانزل على أقرب محل أحذية اشتري لك “بنص” تروح بيه 🙂
صدقني المية جنيه بتوع الجزمة يتعوضوا، لكن اللي ها يضيع منك لو أحرجوك وكملت الجوازة لا يمكن يتعوض 🙂
بعض الناس فيهم عيوب صارخة ومتأصلة فيهم تجعل العيش معهم ضرباً من العذاب.. فلا يمكن مثلاً أن تعيش امرأة كريمة تحب التوسعة على نفسها وأولادها مع رجل شديد البخل يجلس بملابس خفيفة في عز البرد لكي يقلل من الطاقة التي يحرقها جسمه حتى لا يجوع ويضطر إلى الأكل 🙂 كذلك لا يستقيم الحال بين امرأة متجبرة وشديدة الميل إلى السيطرة والرجل الرومانسي أو المصاب بحساسية في قفاه :)، ولا يمكن لأي رجل يحترم ذاته أن يعيش مع امرأة ترى أن الحرية الوحيدة التي يمكن منحها للرحل هي أن يقرر إن كان ها ينام في السرير زي البني آدمين أو ينام على سجادة الصالون (لكن مش على الكنبة) 🙂
الحل مع هؤلاء الناس ليس عندي.. وإنما عند الست أم كلثوم: “البعد أرحم بكتير”.
..
أهلا أستاذ جمال
أنا مش باحب أقول الكلام اللي بيقولوه الناس العاديين زي مثلا إني انبهرت لما قريت وإن السرد رائع وإني فضلت طول الوقت أضحك.. لا لا لا أنا مختلف عايز أقول لحضرتك إني ما شلتش عيني عن شاشة اللاب من أول المقال لغاية ما انتهيت منه حتى ظنت أني أريد بها سوء والعياذ بالله هههههه
تاني حاجة بقى فيه جملة مش فهمتها خالص.. يعني إيه إن الواحد يلبس خفيف في البرد كي يقلل من حرق الطاقة؟!! مش غريبة حبتين دي؟
تالت حاجة بقى سؤال خطر على بالي خبيث حبتين “هو إيه اللي خلا حضرتك تكتب الكلام ده؟ إشمعنى فكرة تغيير الأشخاص يعني؟ 🙂
أعتقد إن التدوينة دي ينتظرها قدر كبير جدا من التعليقات لأنها بتمس موضوع فعلا بنعاني منه كلنا المدير في العمل, والزوج والأب والخطيب وكل الناس
أنا كده طولت؟ طيب أمشي بقى
سلام
عمرو..
والله واحشني..
بالنسبة لحكاية البرد واللبس الخفيف.. برافو عليك إنك قفشت الحكاية دي.. تعرف المفروض العكس.. يعني الجلوس بلبس خفيف في طقس بارد ها يخللي الجسم يحرق طاقة أكثر من أجل الحفاظ على حرارته.. يعني الإنسان ها يجوع أكتر.. وربما يكون ده السبب إن العامة بيقولوا “البحر بيجوّع”..
أستاذي الفاضل..
حضرتك طرحت موضوع هام للغاية.. يعد درساً حياتياً لمن يود أن يتعلم بحق..
ومن ضمن الجمل الرائعة التي لا – ولن – أنساها والتي أخبرني إياها شخص عزيز أكن له الاحترام والتقدير.. هي: “من الممكن أن يتغير شخص من أجلك لفترة قليلة ويغير شيء لا ترغبينه به.. لكنه لن يتمكن من الاستمرار، ويوماً ما ستظهر طباعه الحقيقية” وأضاف قائلاً: “هذا الشخص سيكون شأنه شأن الأسد الذي يجبر نفسه على التزام الهدوء مثل القطة.. ولكن يوماً ما ستظهر مخالبه وتظهر معها طباعه الحقيقية”..
معك حق أستاذي.. “فالطبع يغلب التطبع”
علياء..
جميلة حكاية الأسد دي..
يعني تقعدي أربع سنين ما تجيش المدونة ويوم ما تيجي تخوفينا بالأسود والقطط ..
يا حول الله يا رب.. على العموم مردودة لك في مدونتك 🙂 🙂
أربع سنين ما أجيش المدونة؟!
دي إشاعة على فكرة 🙂
بصراحه
لما عرضت عليا المقاله قبل النشر
مكنتش متصورة انى هضحك عليها بالشكل ده .. 🙂 يا خبر
على الرغم من الفكاهه الرائعه اللى كتبت بها المقال الا انه فى نفس ذات الوقت فى منتهى الحساسيه
انا لما شوفت حضرتك منشغل وبتفكر وحضرتك بتكتبها قلت من الاول انه هيبقى مقال ما له مثيل
ضحكت اوى على حكايه الرجل البخيل والخطيب اللى ريحته وحشه و العريس اللى هيهرب من غير جزمه :):):)
اما بقى الجزء الاساسى فى المقال …3 كلمات عرفت منهم اسم الاغنيه الاغنيه دى انا بعشقها “للصبر حدود ” خطيرة …
أستاذي
كل سنة وانت طيب
ومبروك عليكم التعادل في عرين الأسد
بص…
أحسن حاجة اتقالت لي في موضوع التحكم في طباع الغير هي:
“متردش علي الحلاق وهو حيسكت لوحده”
ودي حكمة استخدمها للتخلص من الحلاقين اللي بيحبوا يتكلموا..وكمان بقيت لما الاقي حد مش عاجبني طبعه اتجاهله لحد ما يزهق لوحده
تحياتي
محمد
محمد عثمان..
حلوة حكاية الحلاق دي..
ها أبقى أطبقها مع مترجم إسماعيلاوي أعرفه 🙂 🙂
ربما التغيير شئ ليس بالامر السهل ولاكن كما يقولون الحب يصنع المعجزات اذا كان من تود تغييره يحبك سيتغير من اجلك وهذه هى الحالة الاولى
الحالة الثانية التى يمكن ان يتغير فيها شخص من اجل شخص او لنقل سهولة التغيير فى شخص اخر هى الثقة فكلما كان الشخص يثق بك فيمكن ان يتغير من اجلك وتمتاذ هذه الحالة عن الاولى بان التغيير يكون ابدى فى اغلب الاحيان بعكس الحالة الاولى التى يمكن ان يون التغيير فيها مؤقت بقترة حرب الشخص المؤثر
ربما توجد حالات اخرى للتغيير فى الاشخاص ولاكن يحضرنى الان مثلث التغيير والمكون من ثلاث اضلاع المؤثؤ او المغير والمغيار وموضوع التغيير ولايمكن ان نغفل ظروف التغيير فمثلاً التغيير فى طفل فى المدرسه الابتدائية يختلف عن التاثير فى شاب مراهق او كهل مثلاً
هذا ما يحضرنى الان
بسام عبد الحميد على
بسام..
مرحباً بك في المدونة.. وتعليقك أسهم للتدوينة بالفعل..
شعرت وأنا أقرأ المقال أني أكاد أحلف بالله العظيم أن كلامك صح، صح جدا، جدا، فما من أحد يتغير من أجل أحد، مهما كانت العلاقة بينهما ومهما كان مدى تأثيره عليه، ومهما كان الشيء المراد تغييره واضح وضوح الشمس لكل الناس. هناك أشياء لا تتغير مطلقاً مهما حاولنا التغيير، ولكن ليس معنى هذا أن نتوقف على المحاولة من البداية، فعلينا أولا أن نحاول (وتطلع عينا في المحاولة لغاية ما نقول جاي) ثم بعد ذلك نسلم بالأمر الواقع ونؤمن بما ليس منه بد. ولكن علشان برضه الواحد يقول اللي له واللي عليه يمكن ينجم عن المحاولات المستميتة محاولات من الطرف الآخر لإرضائك وتغيير ما به من خلل (مؤقتا طبعا)، أو ينجم عنها أن يرضى الله عنك ويرحمك من عذابك ويستجيب لدعائك (رغم أني لم أشهد هذه النهاية السعيدة أبداً).
أبى العزيز ….
غيبت كتير لظروف طارئه
ولن عن عودتى وجدت جرعه كبيره من كل ما أبحث عنه
فكاهه..فكر..ثقافه..الخ
ولكن هذا ليس جديدا على مبدع مثلك
تقبل مرورى
إبنك سعيد
سعيد..
كيف حالك يا ولدي؟
إن شاء الله تكون كل أمورك بخير..
ومرحباً بعودتك..
أ. جمال دائما بنشوف فى الافلام العربي بالذات البطل بعد ما بيكون قتال قتلة وهربان من حكم اعدام فى اخر لقطة من الفيلم بيكون ملاااااااك وبيرجع كيوم ما ولدته امه.
الظاهر فعلا ان دا بيحصل فى الافلام بس .وان كانت فرصة من وحي خيال المؤلف فممكن نقدر نقول انها فرصة لتغيير الانسان حتى لو كان في فيلم عربي.
سيدى الفاضل جمال
ربما اكون قد اتيت متاخرة بضع سنوات ولكن من حظى الجميل ان اتيت لقراءة مدوناتك الادبية
ولقد اعجبنى فى تلك الدونة عبارة ان الطباع مطبوعة فى النسيج الانسانى اى ملازمة لة لا يمكن تغيرها بالتاثير عليها وفعلا انا مؤمنة بهذا الراى لان من شب على شيئ شاب علية ولا يمكن ان يتغير لانة تاصل فية
اود فقط ان اعلق على روعة اسلوبك الذى حقا جذبنى لمتابعة مقالك كمان اقولك على حاجة انت لديك قدرة رهيبة على الاقناع وحلولك لها حد السيف
تقبل احترامى
مريم
أ. مريم..
أولاً.. نورتي المدونة.. ولا يهم إن تأخرتي بضع سنوات.. فهناك مثل إنجليزي يقول “لا يتأخر الوقت أبدًا على فعل شيء جيد” .. وهناك مثل آخر يقول “متأخر أفضل من لا شيء” 🙂
أشكرك أيضًا على تعليقك الذي يدل على قراءتك الواعية للنص وفهم ما فيه..
وأشكرك على رأيك في أسلوبي في الكتابة..
..