ربما عبرت النهر عشر مرات في ذلك اليوم، فقد كان الطقس رائعًا ومشجعًا للغاية على المشي.
دخلت الحي اللاتيني ولي هدف واحد محدد: أن أتناول وجبة جديدة ومختلفة.
في بداية الحي، رأيت مطعمًا اسمه مثير Hippopotamus (فرس النهر). وقفت حائرًا على باب المطعم أحاول أن أكتشف -دون سؤال- مغزى الاسم وعلاقته بالطعام.
“بالتأكيد لن آكل قطعة من فرس النهر، حتى إذا كانت من الفخذة أو من الرقبة” 😀
تقمصت دور الرجل المطاط، ومددت رقبتي للغاية، ودخلت برأسي دون جسمي إلى المطعم أحاول أن أستكشف أي شيء يدل على ما يعرضونه دون أن أتورط فعلًا في الدخول، ولكن دون جدوى.
“إنت خايف من إيه؟ مش إنت عايز تجرب حاجة جديدة؟”.
“أيوه صحيح.. هاخاف من إيه؟ هو معقولة يعني يكون فرس النهر.. ” 😀
دخلت بثقة مصطنعة، وجلست على أقرب مائدة للباب (محدش عارف) ثم أمسكت قائمة الطعام محاولًا فك شفرتها.
القائمة بالفرنسية، ومستوى طاقتي كان قد وصل إلى أدنى مستوياته، فلم أستطع أن أخرج الهاتف وأستخدم جوجل ترانزليت لترجمة القائمة.
“أنا ها أختار أي حاجة وخلاص.. أكيد هتطلع حلوة.. دي باريس يعني” 😀
لاحظت النادلة حيرتي فاقتربت مني.
رفعت عيني عن القائمة فلاحظت أنها سمينة بشكل مفاجئ لدرجة جعلتني أفكر أن اختيار اسم “فرس النهر” لم يكن عشوائيًا أبدًا 😀
قبل أن أسألها عن أي شيء، بادرتني بالحديث: “كلوي كلوي كلاكيع كلاكيع” 😀
طبعًا هي لم تقل كلاكيع، وإنما تحدثت بلغة فرنسية لم أفهم منها شيئًا.
فشل التواصل بيني وبينها فابتسمت وابتعدت لتترك لي الفرصة لانتقاء ما أريده.
نظرت في القائمة فوجدت كلمة aubergine وكلمة fromage. أنا أعرف فروماج يعني جبن، ولكني لم أعرف الكلمة الأولى.
“شيء بالجبن، لا بد أن يكون جيدًا”.. سمك بالجبن.. أو لحم بالجبن..
رفعت إصبعي لفرس النهر فجاءت فأشرت لها على اسم الطبق.
كان من المفروض أن أكون ذكيًا وألمح تلك الحركة اللا إرادية في وجه فرس النهر عندما أخبرتها عن اختياري، ولكني لم أكن سريع البديهة بما يكفي.
دقائق قليلة وجاء الطبق.
نعم، كما خمنت: باذنجان بارد وعليه قطعة من الجبن..
..
“باذنجان؟؟ ولكنني لا أحب الباذنجان.. “
“ولكنك ستأكله لأنه بـ 13 يورو” 😀
“لكن لا تنكر أنه كان شيئًا جديدًا” 😀